شهد ذلك العام المرة الأولى ربما التي قررت أن استقل فيها برأيي في مشاهدة الأفلام وأطلب مشاهدة فيلمًا بعيدًا عن الذوق العام المحيط بي. ربما كان عام ١٩٩٩. افتتاح سينما رويال في شارع فؤاد بعد أن أصبحت "رنيسانس رويال". أحد الأعياد، ربما عيد الأضحى. سينما جديدة براقة بثلاث شاشات. أحد أفلام عادل إمام. و"النمس" لمحمود عبد العزيز. و"جنة الشياطين". يختار أبي وأمي خفة دم محمود عبد العزيز، السكندري زميل دراستهم. ويختار إخوتي عادل إمام. بينما أذهب أنا إلى هذا الفيلم المبهم وحيدًا. لا أفهم ماذا شدني حتى الآن. ربما رغبة المراهقين الحالمة في الاختلاف عن السائد والتمرد. وربما غير ذلك. كنت مع ثلاثة في القاعة. كانت الحفلة الأولى في السينما مما دفعني للاحتفاظ لسنوات بتذكرة الدخول ذات الرقم التسلسلي المميز. ربما 4. احتفظت بالتذكرة لكنني كرهت الفيلم ولم أفهمه. كرهت النهاية وظلام المشاهد. ولكنني لم أكن حزينًا أو غاضبًا. ربما أنار الفيلم شيئًا في. فلقد ظللت واعيًا بالكثير من تفاصيله لاحقًا قبل أن يصبح أحد أفلامي الأثيرة بنهايته الملهمة. وتبقى التذكرة لتذكرني بالتجربة المميزة
قبل أن ينتهي عام ٢٠١٥ كنت استكشف مساحات جديدة لم أعرفها في نفسي. كان هناك زلزالاً يرج كل ما هو ثابت فينعشه. في هذه الفترة هبطت قصة فيلم "جنة الشياطين" علي من علٍ وتربعت في فضاء أفكاري بقوة. استحضرَت معها فيلم الأستاذ القليوبي "البحر بيضحك ليه؟" والرواية التي ألهمت صناع الفيلمين لأمادو. مكثت أسابيعًا طوال تجتاحني فكرة الرجل الذي يقرر أن" يموت مرتين"، فيعيش حياتين، ويصبح شخصين. تزول العواصف وأدرك بعد زوال الغبار أن لجنة الشياطين الفضل في اتاحة الفكرة وفي إنارة الذهن وإثراء الخيال. فأُصبح مدينًا بالجميل لسينمائي لم أقابله أبدًا ولم أعرفه غير عبر حكايات أحد تلاميذه وأحد أعز أصدقائي، محمد صقر وقبل أن يبدأ ٢٠١٩ أقرر أنه سوف يكون عامًا مفصليًا بين حياتين. حياة عشتها وحياة أود أن أعيشها. عالمين أعيش بينهما بطبيعة تكويني واختياراتي، وتوجب علي أن أميل إلى أحدهما لتستقيم الأحوال. يبدأ العام الجديد بينما أتجاذب أطراف الحديث مع أصدقاء ومعارف بصحبة زوجتي في قلب القاهرة في يوم جمعة رائق. دعوة من هالة القوصي. مائدة عامرة ورسوم معلقة ووجوه بشوشة لأناس أعرف بعضهم. أتخيل أنها ربما تكون اللحظة الأخيرة لي في جمع كهذا بسبب القرار الذي كنت مقدمًا عليه في هذه اللحظة. يدق جرس الباب فيدخل الرجل. المفاجأة تفتح عيناي وتغلق فمي. أتردد في أن أقوم وأصافحه بينما تشير لي هالة وهي تعتقد أنني لا أعرفه. أستجمع جرأتي وأقوم مادًا يدي بعد أن يقترب مني، فيحييني بإسمه الأول. "أسامة". يجمعنا حديثًا مقتضبًا عن العمل والحياة في مصر. يمازحنا بأنه يبحث عن عمل في أي مكان وبأن الحياة أصبحت في مصر غير محتملة. تتجمد الكلمات في ذهني. بعد لحظات تلح فكرة. أود أن أحتفظ بتذكارًا لتواجدي مع الرجل في مكان واحد. هل يمكن أن أطلب أن تجمعنا صورة؟ تنصحني زوجتي بتحفظ بأنه ربما قد لا يحب. أميل لرأيها لتصوري المسبق عن شخصيته وأصرف نظري عن الفكرة. أضطر للانصراف شاكرًا للظروف التي جعلتني أقابل أسامة فوزي وجهًا لوجه لأول مرة. ولآخر مرة
0 Comments
|
BlogArchives
October 2022
Categories
All
|